الابحار فى كتاب قناة السويس وعبد الناصر
للأستاذ محمد يوسف
محمد فريد مؤسس الحزب الوطنى ...ذلك النبيل
( ضرب محمد فريد ( 1868- 1919 ) المثل الأعلى للوفاء للعقيدة التى يؤمن بها، وعاش حياته كلها متمسكا بقوله " لن نحيد عن مبادئنا مادام فينا عرق ينبض ، او تجرى فى أجسامنا نقطة دم " واستمر فى نهجه فى محاربة الاحتلال .. وعندما استسلم الخديوى عباس للاحتلال بعد تعيين جورست مندوبا ساميا لبريطانيا فى مصر اشتعل الخلاف بين فريد وبين الخديوى ، ولما تفاقم الخلاف ، أراد بعض أنصاره أن يلاين الخديوى ، لكنه رفض وكان جوابه ، انه لا يلاين الاحتلال أو من يتحالف معه ولو كان الخديوى ، وعرض عليه محمد باشا سعيد الوزارة سنة 1910 ، ولكنه رفض ، ورد عليه بقوله " كيف تطلب منى الاشتراك فى حكم البلاد وهى فى ظل الاحتلال الذى أحاربه ، وكيف يتفق النقيضان ؟
ثم ناهض تركيا عندما اتخذ شعار مصر للمصريين .. وعندما علمت انجلترا انه يعانى من أزمة مالية ، أرسل له وهو فى بروكسل ، وسيط يطلب منه الكف عن مناؤة الانجليز مقابل تعويضه أو تعينه وزير ، ولكنه رفض قائلا " ان ضياع ثروتى لايؤثر على مبادئى وأرفض اى مركز مادام الانجليز فى مصر..
وعانى محمد فريد من الفاقة وهو ابن لأسرة ثرية ، ويتمتع هو بثراء هائل .. حتى أنه شارك الدكتور نصر فريد الذى كان من رجال الحزب الوطنى المنفيين من مصر ، شاركه فى حجرة واحدة أثناء وجوده فى برلين ، وهى ذات الحجرة التى مات فيها عام 1919 ولم تهتم حكومة او حاكم او جهة ما بإعادة جثمانه الى الوطن ليدفن فى ثراه ، كان مواطنا فردا عاديا من محافظة الشرقية .. لقد أنفق محمد فريد الثروة الطائلة التى تركها له والده " فريد باشا " إنفاقا مباشرا على الحركة الوطنية ومن أجلها أنفق ذلك النبيل ألف ومائتي فدان .. )
التعليـــــــــــــق
1. هذا هو محمد فريد النبيل مؤسس الحزب الوطنى الذى يجسم على أنفاسنا الآن ، ولا يأخذ من مؤسسه سوى الاسم ، والذى مات فقير يعانى من المرض والوحدة فى برلين فى حجرة فقيرة باردة وعمره واحد وخمسين عام قضاها منذ صباه فى مقاومة الاحتلال رافض كل العروض عليه من مناصب ومال .
2. هل كانت صرخة محمد فريد صوت بلا صدى فى البرية ؟
لا لم تكن صرخة هذا النبيل بدون صدى ولكنها من الصرخات الطاهرة الأبية
وهتك سر اتفاقية تمديد امتياز قناة السويس أربعين عاما إضافية الى مدة الامتياز الأساسية ( 99 عام ) والتى كانت تنتهى عام 1968 ، لتمتد الى عام 2008 .. وكانت تلك الاتصالات تجرى بين المستشار المالى البريطانى فى مصر من جهة ، وسعد زغلول وزير الحقانية آنذاك ، الذىكان مشجعا لمد الامتياز ومدافعا عنه حسب ما أورده الدكتور " مصطفى الحفناوى " فى كتابه الهام " قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة " الجزء الرابع ص 577
وفى يوم 25 اكتوبر 1909 كتب ذلك النبيل الذى قاد باصرار وضراوة معارضة الاتفاق ، فى مواجهة دفاع سعد زغلول عنه كتب فى صحيفة اللواء يقول " كيف يجوز للحكومة أن تتساهل فلا أمر إطالة أمد الشركة ، مع علمها أن القناة كانت السبب فى ضياع استقلال مصر ، وكل مصرى يتوق ان يراها ملكا لمصر ، حتى لا يبق لأروبا وجه للتدخل فى أمورنا ....
واجتمعت اللجنة الإدارية للحزب الوطنى مساء يوم 29 اكتوبر 1909 .. وأصدرت قرارها برفض الاتفاق .. وأرسلت ثلاث برقيات الى الخديوى ، ورئيس الحكومة ، والأمير حسين كامل رئيس الجمعية الوطنية .
وكادت المؤامرة تتم .. الحكومة والاحتلال فى مصر كانوا على وشك تمديد
امتياز الشركة حتى سنة 2008 .. ولم يجهز على المؤامرة – يقول الدكتور مصطفى الحفناوى – إلا المغفور له إبراهيم ناصف الوردانى ، الذى درس الصيدلة فى لوزان ، وكان فى الرابعة والعشرين من العمر ، ومن شباب الحزب الوطنى .. الذى صرع بطرس غالى رئيس الحكومة يوم 20 فبراير 1910 فى مبنى وزارة الحقانية ، ثم سلم نفسه لحراس الأمن .